زمان الكلمة

عالم الكتابة، هو عالم كبير… ينسجم ويتزاوج فيه الواقع مع الكثير من الحلم والخيال، فيجلب الراحة ويبعث في النفس السكينة والهدوء، فتأثير الكلمة والعبارة عظيم، قد يتفاوت من شخص إلى آخر، إلا أن التعبير الصادق السلس يصل إلى الجميع، فتهدأ له السرائر وتغفو على ضفافه الأرواح . والقارئ المتذوق هو الذي يدفع الكاتب أو الأديب إلى التحليق في سماء وفضاء ليس له حدود، فيتمكن من ترجمة مشاعره ومشاعر الآخرين.
ولأنني أحمل رسالة أدبية إنسانية اجتماعية وثقافية، ما أسعى إليه هو الوصول إلى فكر الناس وقلوبهم ومحبتهم، لذلك قررت إنشاء هذه المدونة، التي أهدف من خلالها، إلى إتاحة مساحة أوسع للتواصل بيني وبين كل الأصدقاء الذين يتابعون كتاباتي سواء في مجال الرواية – الشعر- النقد- المقالات الثقافية والاجتماعية، فقد اعتمدت على تواصلي معكم على صفحات الفيسبوك، التي امتلأت بفضل محبتكم، الواحدة تلو الأخرى، حتى أصبح عندي 3 فيسبوك تجاوز عدد الأصدقاء فيها الخمسة آلاف، بالإضافة إلى صفحة خاصة باسم “منى الشرافي تيم”، كما أن هناك عدداً كبيرً من الأصدقاء الذين أرسلوا يطلبون صداقتي، وأتضايق جدا حين أعجز عن استقبالهم.
فلنجعل من مدونتي هذه منبراً للنقاشات الراقية، وتبادل الأفكار والآراء القيمة، كما يسعدني ويشرفني انضمامكم إليها وتعليقاتكم عليها.

منى الشرافي تيم

نُشِرت في عام | الوسوم: , , , , , , , | 21 تعليق

فيديو اغنية عرس ابنتي ليال تيم… كلماتي وصوتي \ منى الشرافي تبم

نُشِرت في عام | أضف تعليق

أمّي.. ثم أمّي.. ثم أمّي..

إن طقوس الاحتفال والاحتفاء بعيد الأم أمر جميل في هذا الزمان الهارب من كل شيء، فالكل يعلم أن مشاغل الحياة قد أخذتنا من كل ما هو أصيل وجميل، وبتنا نبحث دون كلل أو ملل عن العلم والنجاح والعمل والمال والاستقرار، وأصبحنا نحيا في فوضى المظاهر وقشور المجتمعات.. وكل هذا أنسانا أن يوم الأم ليس يوم واحد في السنة..  كل هذا أنسانا أن الأم في الحياة ثروة كبيرة متوفرة ووفيرة وفي متناول نظرنا، فقد تعودنا أن لا نرى ما نملكه، إلا بعد أن نفقده… وفي ذلك الوقت بالذات.. ومع شعور الفقدان، سننظر إلى الوراء فلن نجد إلا الفراغ، وسننظر إلى الأمام فلن يتسلل إلى نفوسنا إلا ذلك الإحساس بالبرد.

قد يقول قائل.. أنني أصِلُ أمي، وأزورها وأكلمها كلما سنحت لي الفرصة، أو سمح لي وقتي… وأقول لذلك القائل بكل الحب ومن قلب مجروح… مهما فعلت فأنت مقصر في حقها وحقك، فافعل أكثر، وانهل منها وامتلأ بها، ليس من أجلها فحسب، بل من أجلك أنت أيضاً.

لأن الأم في حياتها كبيرة جداً، ولكنها حين تغيب تصبح أكبر!!     

الأم في هذا العالم الواسع الكبير، مهجة الفؤاد.. ونبض القلب.. ومصدر الروح! هي هيكل الحب، وإله الحنان، ورمز العطاء..

 لهمساتها كل الأماني، وللمساتها نكهة الأمان..  لبسماتها تولد الأفراح، ولرضاها تشرق الشموس..  لنظراتها تضيء الأقمار، ولوجودها كل الفصول ربيع.

   كلنا ذات يوم كنا في كيانها مجرد نطفة، نبضت في جوفها.. وبها نَمَتْ. ودماؤها الندية آنذاك في شراييننا جرت! فهي سر الوجود ومعنى الاستمرار.

نعم…! لقد كبرنا كما كبرت هي، وما زالت دماؤها في شراييننا تضخ وتحيينا، قد تبعدنا عنها ملهاة الحياة.. وقد تتلاعب بنا الأقدار.. قد تقسو علينا الأيام.. وقد يشيخ شبابنا على عتبات الزمان. ولكن حين تتوه بنا الذات، فنحن نعلم أنها المأوى والحضن الدافئ، الذي نلوذ إليه، فنرتجي للحظات أن تعود إلينا الطفولة بأحلامها الوردية، كي نلتمس دعوة من قلب عطوف، بإكسيره فقط نستعيد نضارة العمر والشباب.

 من غيرك أيتها الأم يُعطي دون أن يأخذ ضعفين؟ من مثلك في عثراتنا يواسينا، فكيف نجرؤ اليوم وباسم عيد الأم.. أن نقدم لك هدية؟  أهدية.. تكفي؟! أم ثرثرة كلمات شاعرية منمقة؟ لا… لا سنبوس الأرض تحت قدميك فإله في السماء هو الواحد الأحد وأنت على الأرض أيتها الأم الإله !!

منى الشرافي تيم

نُشِرت في عام | أضف تعليق

Updated CV Mona Alshrafi Tayim

نُشِرت في عام | أضف تعليق

الحيرة.. إرث الشباب

إن شباب هذا الزمان حائرون، كما كان الشباب من أزمان مضت حائرين. نعم.. إن ظروفهم قد تغيرت! ونعم.. إن أحوالهم قد تقلبت، فتبدلت مشاهداتهم وتصوراتهم، واختلفت أزياؤهم فأصبحت تتناسب مع عصريتهم. إلا أن الصورة التي حافظت على مقوماتها، وبقيت على حالها، وما زالت الأجيال تتوارثها، فهي تتمثل في – مشاعر الحيرة –  لأنها القاسم المشترك الذي بقي قائماً بينهم، حتى لو اختلفت نكهاتها وتنوعت توابلها.

كثيرون سوف يحتارون حين يقرؤون ذلك الربط الوثيق بين حيرة شباب الأمس وبين حيرة شباب اليوم، وذلك بسبب الانفتاح الكبير لشباب اليوم على كل شيء، ومقدرتهم على  التعايش معه، والتأقلم مع كل ما قدمته وتقدمه إليهم التكنولوجيا.

في القديم البعيد، وفي القديم القريب عانى الشباب من سطوة الأهل، ورهبة العادات والتقاليد، وارتدوا جلباب العيب والحرام، وتشرّبوا مشاعر الخوف إلى درجة كانوا يخشون فيها من أن يعبروا عن مشاعرهم حتى بينهم وبين أنفسهم، وذلك لأنهم كانوا مسيّرين لا مخيرين، فالكبير في البيت كان هو الحاكم الوحيد وصاحب الأمر والنهي ولا أحد ممن حوله يجرؤ على مخالفته حتى لو كان يرى ويعرف أنه على خطأ، مما أدّى إلى امتلاء نفوس أولئك الشباب بأسرارهم وأحلامهم الصامتة، فتحركوا في العتمة والخفاء، وذلك لأن التجارب محرمة، والتعبير عن المشاعر وصمة عار، والاختيار عقوق. فالضغط هنا كان أساساً للحيرة التي تملكت شباب الأمس، واستجلبت ضياع هويتهم النفسية والشخصية، على الرغم من النجاحات العلمية والعملية التي قد يكون سجلها الكثيرون منهم.

أما شباب اليوم، فقد تفتحت أمامهم أبواب الحياة وشُرّعت لهم نوافذ العالم، وعلى الرغم من ذلك فهم أكثر حيرة من شباب الأمس، لأن مساحة الحريّة المقدمة إليهم كانت أكبر وأوسع من طاقاتهم على استيعابها، الأمر الذي جعلهم يلجأون إلى أصدقائهم الذين قد يكونون أكثر ضياعاً واضطراباً منهم، وذلك لأنهم حين بحثوا عن الأب لم يجدوه، فقد تنازل عن دوره الأبويّ الإنساني وانشغل بأعماله وأمواله، فضلاً عن الأم الحاضرة الغائبة، التي تنازلت عن دورها الجوهري في صناعة المجتمعات وتأهيلها، رغبة منها في أن تعيش حياتها بالشكل الذي يُرضي طموحاتها العملية أو الاجتماعية، فالحرّية المشرّعة التي حصل عليها شباب اليوم حين ابتعدت عن مفهومها الإيجابي، كانت أساس حيرتهم وضياع هويتهم النفسية والشخصية.

وماذا يفعل شباب هذا الزمان في ظل كل هذا الانفتاح والحريّة المقدمة إليهم على أطباق التجارب المتاحة على مختلف أشكالها وأنواعها، وماذا يفعل الأهل كي يتمكنوا من حمايتهم وإرشادهم إلى الطريق الصحيح كي يكونوا بالدرجة الأولى متصالحين مع أنفسهم وبالتالي يتصالحون مع العالم من حولهم؟

إن العلامة اللافتة والمثيرة للقلق التي تظهر بجلاء على شباب اليوم هي انعدام الثقة لديهم بكل ما يجري من حولهم، وذلك بسبب مشاعر الكراهية والبغض والحقد والغيرة التي أصبحت السمة البارزة لهذا الزمان. أما انعدام الثقة على هذا الشكل فمن شأنه أن يزرع في دواخل الشباب ونفوسهم بذور الخوف وعدم الشعور بالأمان، مما يؤدي إلى اضطراب شخصياتهم، فتختلّ لديهم إمكانية اكتساب القدرة على التمييز بين من هم أهل لثقتهم، وبين من هم ليسوا أهلاً لها، وكل هذا من شأنه أن يقلل من فرص نجاحهم العملي والاجتماعي.

وكما هو معروف من أزمان بعيدة كانت أم قريبة، فإن الخير موجود والشر موجود، ولكن القدرة على التعامل مع هاتين الصورتين المتوازيتين، والتمييز بينهما، هي التي تؤهل النفس الإنسانية كي تحمي نفسها من الشرّ وتفيد من الخير. وقد تتمكن من تحويل الشر إلى خير من خلال الخير الذي تحمله في داخلها.

أما السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف نستطيع أن نمسك العصا من النصف؟ في محاولة منا كي نُخرج هذا الجيل الشاب من حيرته وألمه وعذاباته، فضلاً عن انغلاقه الداخلي على الرغم من الانفتاح الخارجي الكبير الذي يحيط به ويتيح له كل شيء؟

وكي نجيب عن هذا التساؤل لا بد من البدء بالبيت.. من الأبوين حين يقومان بأدوارهما في الرعاية والمواكبة والمتابعة، فمن غير الممكن فرض قناعاتنا ورؤانا على شباب اليوم، مهما ظننا أنها صائبة، فلنَدَعهم يختارون، ثم نراقب خياراتهم وقراراتهم عن بُعد وعن قُرب، ونتوقف معهم عند محطاتهم، وإن لاحظنا أن هناك ما يدعو إلى الريبة، عندئذٍ نسعى إلى إنارة الطريق أمامهم، كي يروا ما يُريب بأعينهم، وليس بأعيننا، وذلك لأننا مهما جهدنا في أن نجعلهم يرونه من منظارنا، فسيبقى بالنسبة إليهم ضبابياً قاتماً. وذلك لأن الإنسان بطبعه قد يندم على أشياء لم يفعلها أو أُجبر على التخلي عنها، أو ربما يتمسك بها عناداً، مما قد يؤدي إلى قيامه بأمور ربما تكون فيها تعاسته وعواقبها عليه قد تكون وخيمة.

أما الصورة الاجتماعية الباهتة التي نقحم أنفسنا في إطارها، فلن تفيد ولن تنفع، فكلام الناس قد تكون له بداية، أما نهايته فحدودها الفضاء. فإن وضعنا في مخيلتنا ونصب أعيننا كمّ العقد النفسية التي تكمن في النفس البشرية الواحدة، فلن نتمكن من إحصائها، فكيف بنا في مواجهة العقد النفسية المتأصلة في الأفراد والجماعات، لذلك، وكي نضيء شمعة في طريق شباب هذا الزمان يجب أن لا نعوّل على ما يقوله الناس، وما يريده المجتمع، وما يراه الآخرون، فمهما جهدنا لن نرضيهم، وذلك لأن جلّ همومهم أن لا نكون راضين.

ومن أجل كل ما سبق، فلنمنح شباب اليوم مساحة الخيار والاكتشاف وأعيننا عليهم، فضلاً عن التسلح بتقنية الكرّ عند اللزوم وتقنية الفرّ في الوقت المناسب،  فالأمر الأكثر أهمية بالنسبة إلينا، هو أن تكون أقدامهم على الأرض… وتبقى على الأرض! كي يتمكنوا من تعلم الدروس وأخذ العبر.

نعم.. إن أولادنا هم مسؤوليتنا ولكننا لا نمتلكهم، فهم ليسوا متاعنا، بل متعتنا حين نراهم يكبرون وهم يعرفون ماذا يريدون ويسيرون على هدى غير حائرون!!   منى الشرافي تيم

نُشِرت في عام | أضف تعليق

 مروان البرغوثي راوياً الألف يوم في السجن الإسرائيلي

     “إذا كان ثمن حرية شعبي هو فقداني لحريتي…فسأدفع هذا الثمن”

     إننا اليوم أمام كتاب فريد, حروفه حيّة تنبض صموداً وبسالة, حبرها الألم والمعاناة في مواجهة الهمجية والسادية الصهيونية, التي تسعى إلى اقتلاع الفلسطيني من منابته واجتثاثه من أصوله. والمناضل الفلسطيني مدعو لأن يلتصق بقضيته وأرضه, فهي قضية وجود وضمير وكيان ومستقبل, يرويها لنا الأسير مروان البرغوثي في كتابه “ألف يوم في زنزانة العزل الانفرادي”, الصادر عن الدار العربية للعلوم, وقدّم له الإعلامي زاهي وهبي, الذي وعد نفسه أن يستضيف مروان البرغوثي في برنامجه “خليك بالبيت”.

     كل الدلائل تشير إلى أن إسرائيل التي تتغنى ليل نهار بالديمقراطية, تضرب كل يوم بعرض الحائط المواثيق الدولية وتنتهك حقوق الإنسان, من خلال نزعتها العدوانية والإرهابية, حين تصوّر إرهابها الحقيقي والفعلي على أنه دفاع عن النفس وحق في البقاء, وصاحب الحق الفعلي ومطالبته به تحوله إلى إرهابي عليها مقاومته بكل السبل, وهدفها الخلاص من المناضلين والقضاء عليهم…ولكن روح الجهاد المتأصلة عند الفلسطيني صاحب القضية, الذي وهب عمره لقضيته, تقف عصيّة عليهم…فها نحن أمام المناضل البرغوثي, الذي تحدّى عدوه المتمثل بمُعتقِلُه المحقق “غزال” في عقر داره ومركز قوته وتفوقه, والذي واجهه للمرة الثانية, فقد سبق أن حقق معه حين تم اعتقاله في مقتبل شبابه عام 1978, قائلاً: “أنت كبرت مع القوة والاضطهاد, ولكنني كبرت مع الشموخ والقوة…”. واعتبر البرغوثي أن المعركة بينه وبين المحقق غزال معركة مناضل من أجل شعبه, ومحتل ومعتدٍ أثيم.

     خطّ مروان البرغوثي في كتابه “ألف يوم في زنزانة العزل الانفرادي”, تجربة اعتقاله وتنقله في الزنازين الانفرادية التي كانت – بمنزلة قبور للأحياء – في إضاءة منه على الوحشية الصهيونية التي تنتهجها في معتقلاتها, وأساليب التعذيب الهمجية التي يتفنن بتطويرها ضباط الاحتلال وجنوده بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين, فنجده يصف معتقل “المسكوبية” الذي يطلق عليه الأسرى اسم “المسلخ”, وهو المكان الذي يمارس فيه الضباط الصهاينة أبشع عمليات التعذيب والانتهاكات الإنسانية, التي شبهها البرغوثي بالموت البطيء, ظناً منهم أنهم باعتقاله قد اعتقلوا الانتفاضة الفلسطينية, غير مدركين أنها حركة مقاومة شعبية لا تتوقف باعتقال فرد ولا باعتقال المئات والألوف.

     أمضى البرغوثي عند اعتقاله عام 2002, في زنازين “المسلخ” ما يقارب الأربعة أشهر, وعانى خلالها ما عاناه من أساليب التعذيب المبتكرة, وكان أقساها بالنسبة إليه الحرمان الكامل من النوم, والهجوم النفسي والمعنوي من خلال التركيز على نظرية المؤامرة العربية والفلسطينية ضده, التي طالبت بالقضاء عليه والخلاص منه ومن هم مثله. وركز المحققون الصهاينة في تحقيقهم مع البرغوثي على قضايا كثيرة, أبرزها المطالبة بمعلومات تدين الرئيس ياسر عرفات من جهة, وإقرار منه بفشل الانتفاضة والمقاومة وعدم جدواهما من جهة أخرى, وأكدوا له أن معلومات كهذه كفيلة بإنهاء قضيته وخلاصه من الاعتقال. إلا أن صمود البرغوثي كل هذه المدة أفقدهم الأمل في إجباره على الاعتراف بأي أمر, مما جعلهم ينقلنوه إلى معسكر سرّي أطلق عليه اسم “مملكة المجهول والحرب الخفية”, حيث لا قيود ولا حدود ولا رقابة على التعذيب. وحين قال له أحد المحققين بهدف تخويفه, أنه الآن في مكان مخيف, وأن إصراره على عدم التجاوب معهم أجبرهم على إحضاره إليه, فأكد له البرغوثي أن: “الزنازين في السجون تتساوى…وليس للأسير من زنزانة أو سجن ينتمي إليه”. وعلى الرغم من مرور الأيام القاسية والمريرة, إلا أنها زادته تحدياً وصموداً, وكان يسجل في كل يوم يمضي على وجوده في ذلك المعسكر, انتصاراً منه على جلاديه….وحذّر البرغوثي في كتابه المناضلين والأسرى من  الدور الكبير الذي يلعبه العملاء, الذين هم جزء من فريق التحقيق, وهم أكثر خطورة من ضباط المخابرات الإسرائيلية في كشف المعلومات وتوريط المعتقل.

     قررت حكومة الاحتلال تقديم البرغوثي إلى المحكمة المدنية بعدما أعدّت له لائحة اتهامات تشمل أكثر من 52 تهمة. والتعمد بتقديمه إلى محكمة جنائية تستهدف إبراز معاناة الطرف الإسرائيلي, وإخفاء معاناة الطرف الفلسطيني. وهذه هي السياسة الصهيونية, وهي تسخير الإعلام العالمي لصالحها كذباً وبهتاناً, والعمل على إلقاء الستائر السود على أفعالها الشنيعة ومجازرها ضد الشعب الفلسطيني… رفض البرغوثي المحاكمة وقرر عدم تكليف محام للدفاع عنه, وعدم التعاطي مع لائحة الاتهامات… وفي مرافعته في المحكمة خاطب الإسرائيليين بالقول: “لماذا يصر اليهود على تكرار ما تعرضوا له وما عانوا منه عبر التاريخ في مواجهة الشعب الفلسطيني؟”… وطالب البرغوثي بحملة عربية ودولية وحقوقية تنادي باعتبار المعتقلين في سجون ومعسكرات الاحتلال الإسرائيلي: “أسرى حرب”. فقد أصدرت المحاكم الصهيونية على مدى السنين, أحكاما ظالمة وجائرة أدت إلى قضاء الآلآف من الأسرى سنوات أعمارهم خلف القضبان.

    في مطلع كانون الثاني من عام 2003, نُقل البرغوثي إلى زنزانته في سجن الرملة, التي وصفها بالقبر الموحش, عانى فيها العذاب النفسي والروحي. وعلى الرغم من كل هذا قرر أن يكسر حسابات جلاديه وتوقعاتهم, فلم يسمعوا شكواه ولم يروا خوفه أو فزعه, وحصل هذا معه لأنه عرف تفاصيل زنزانته التي تعودت هي عليه, فعرف مواعيد تسلل ضوء الشمس ليغتسل بالحياة, وعلم متى يدخل ضوء القمر ليقيم معه علاقة حميمة… ثم نقلوه إلى سجن “شطة”, الذي يُعتبر أسوأ السجون الإسرائيلية. واكتشف البرغوثي أن المناضل حسن سلامة زميلٌ له في إحدى زنزانات السجن…, وأخيرا نُقل إلى سجن بئر السبع, حيث كانت الزنزانة هناك أشد سوءاً من سابقاتها, فعاش مع الصراصير وأسراب النمل بالإضافة إلى الجرذان. وأشار إلى القلق الصحي الذي يصيب الأسير في زنزانته الانفرادية, في ظل غياب الرعاية الصحية والاستهتار بحياته, وسوء التغذية, وهي مظاهر القتل البطيء. والأمر الذي كان يكسر عزلة السجن هو ساعة يخرج فيها الأسير إلى النزهة, وهي ساحة تطل على نوافذ بعض الأسرى, وقد علّمهم البرغوثي العبرية, كي يتسنى لهم التفاهم مع السجانين, والحفاظ على بعض حقوقهم وفهمها… والمعاناة لم تمنع البرغوثي من الاستمتاع بالقراءة بعدما تمّ السماح للأسرى بالحصول على الكتب, فهو يرى أن من متع الحياة قراءة كتاب تحبه, وخصوصاً الرواية التي تحرر الإنسان وتحلّق بخياله خارج واقعه.

     طرح البرغوثي قضية المرأة ودورها الجوهري إلى جانب الرجل في بناء المجتمع. وأضاء دور المراة الفلسطينية التي شاركت الرجل النضال من أجل الحرية والاستقلال, المتمثل في زوجته الحبيبة فدوى, التي قامت بمجهود جبار, وحملت قضيته وقضية الأسرى. وكان لها نصيب الأسد من إهدائه في مطلع الكتاب: “إلى حارسة حلمي ورفيقة دربي وشريكة عمري”.

   قرأ البرغوثي رسالة ولده القسام الذي تم اعتقاله من قبل الاسرائليين طمأنه فيها: “لا تهتم يا أبي…فلقد علمتني أن فلسطين أكبر من كل شيء”… وبعث البرغوثي لولده, رسالة قصّ له فيها أهم محطات حياته, وكانت أقسى هذه المحطات وأشدها إيلاماً حين تم إبعاده, وكان أعظمها لحظة العودة.

   وعن خبر استشهاد ياسر عرفات قال البرغوثي: “شعرت بأنني أختنق, وانفجرت عيناي بالدموع لأول مرة منذ اعتقالي”. ورأى أن اغتيال ياسر عرفات قضى على فرصة السلام. وأكد أن إرادة شعب يتطلع إلى الحرية لا يمكن أن… تنكسر!!

                                                                           منى الشرافي تيّم                      

نُشِرت في عام | أضف تعليق

رفيق الإنسانية… رجالات في رجل وانتصارات في موقف

 قصةُ سلامٍ وعطرُ سيرة عتّقها الزمان. وشدو صرح بصمته الغائر صادح. جوهره قصيد في العتمة أضاء الشموس، وفي الظلام شق أنفاقاً للمستقبل ورسم الآمال لشبيبة كانت قبله حائرة البال. أبٌ روحيٌّ بيد بيضاء ماسية حريرية الملمس مزدانة بالطِيْب؛ رطبت النفوس وبلسمت الجراح! هو لمحبيه مشكاة نور وتكبيرة صلاة، أما لأعدائه فحَرٌّ وجمر ونار. هي حكاية مقاوم ارتدت سترة المغيب في غير أوانها؛ بفعل أياد خبيثة مسمومة بالحقد وملوثة بالغدر جذّفت فوق أمواج الظلام، واستعانت بأشباح الليل، وتسلحت ببارود الطغيان في يوم الحب المشهود بالحب. نعق الغراب في فضائه، فسكنت السماء لنحيب الأبواب، وهدأت أصداف البحر لعويل النوافذ، وصُمّت الآذان من بكاء الحجر وأنين الأشجار. أما القلوب فتداعت من حرِّ اللوعة والفراق… ففقدانه كان أمراً جللاً بدّد حلم الأجيال. هي يد الشر امتدت فأقفلت نبعاً مجراه لغزاً أرَّقهم، فارتوت الأرض بدماء رفيق الإنسانية، وتنعّم التراب برحيق روحه الأبية.

 اغتالوه نعم! إلا أنه لم يمت، فذكراه نبع لا يجف ولا ينضب.

اليوم وبعد مرور ثمانية عشر عاماً على الجريمة الإرهابية التي استهدفت الرئيس رفيق الحريري لا بدّ أن نتوقف عند عتباتها وتبعاتها وأهدافها، لنجد أنفسنا في مواجهة جريمة أكبر وهي اغتيال وطن حرص الشهيد على مصالحه في الداخل وهيبته في الخارج. ها هو لبنان الرفيق الذي كان حريرياً يتحول إلى دكاكين مُذهّبة بالمذهبية، وجحور طائفة بالطائفية، وعقول غيّبتها العنصرية، وجهل وطّنته الغرائزية، وشعب نوّمته التبعية. وأجساد أشعلها وقود الفقر والذل والحاجة. وطن يموج بكلام غير مفهوم، وثرثرة شعارات وفقاعات من الأفواه تملأ الهواء.    

من ذا الذي قال إن الحروب بالأسلحة المتقدمة الفتاكة هي التي تحقق الانتصارات الكبرى؟ فأدوات المقاومة السلمية الدبلوماسية أقوى من أسلحة الدمار. هي المرونة التي قد تبدو للبعض تردداً أو تنازلاً أو خوفاً، فيما هي سياسة التفاوض الفعال المنتج. فقد تحقق الحروب أهدافها لمن يملك أدوات القتال المتقدمة في وقت قصير، أما انتصارات الدبلوماسية فمردودها أقوى وأكبر أثراً. ولكن للدبلوماسية فن وأسرار لا يتقنها إلا القادة الكبار، وأمثالهم تعرّفنا إليهم في التاريخ القريب وهو الرئيس رفيق الحريري، وتجلّى ذلك حين ارتكب الاحتلال الإسرائيلي “مجزرة قانا” في شهر نيسان من عام 1996م في قرية قانا بجنوب لبنان، بعدوان “عناقيد الغضب”، فقتلوا العشرات وجرحوا المئات، وقصفوا المدن والبلدات اللبنانية. وحين لجأ مئات اللبنانيين من النساء والأطفال إلى مقر الكتيبة التابعة للأمم المتحدة هرباً من القصف، قام العدو بقصفه مرتكباً بذلك أكبر مجازره وأكثرها قبحاً. وتذرعوا بأنهم لم يكونوا على علم بوجود المدنيين في المقر. وكان بإمكان الصهاينة كما جرت العادة الاستمرار بعدوانهم وتلفيق الأكاذيب واتهام حزب الله بارتكاب المجزرة. إلا أن ما لم يكن في حسبانهم أنهم سوف يواجهون – جيشاً في رجل – فالتاريخ يشهد للمقاوم الأول والقائد الوطني الرئيس رفيق الحريري سعيه لإيقاف العدوان الصهيوني البربري، حين اختار الدفاع عن السيادة الوطنية، واعتبار أن مقاومة الاحتلال حق مقدس للبنانيين حتى تحرير أراضيهم. وكان يعلم أن هدف الصهاينة من العدوان تدمير البنى التحتية اللبنانية. عندئذٍ سكن الطائرة متنقلاً بجولات مكوكية دولية وإقليمية؛ مستخدماَ سلاح الدبلوماسية الفعال المتمثل في عرض الحقائق التاريخية، ومشددا على المواثيق الدولية، ومتسلحاً بخطاب اعتمد فيه تقديم الحجج والبراهين من أجل إقناع الرأي العام وحَصْد تعاطفهم وتأييدهم. كما واستثمر في الإعلام العالمي للكشف عن الوجه القبيح للعدو الغاشم من خلال عرض صور المجزرة وآثار العدوان بكل أشكاله، وكل ذلك أدّى إلى “تفاهم نيسان” الذي تجسد في الاعتراف الدولي والإقليمي بالدولة اللبنانية واستعادة مكانتها.

إن أكبر خسارات لبنان تمثلت في خسارة رجالات في رجل نتمنى أن يتكرر، نسير اليوم على غير هدى، ونواجه شرائع العناد والمكابرة وتحجر المشاعر. نعيش في زمن استفحلت فيه لغة البقاء للأقوى والأفسد.

بانتظار صبح لا بدّ آت… فقطاف الحصرم لا يُنضج العنب!

د. منى الشرافي تيم

نُشِرت في عام | أضف تعليق

الكذب… قناع هَشّ

نُشِرت في عام | أضف تعليق

الكذب… قناع هَشّ

ووشم الكذب على جبين الكاذب نَقْش

الكذب أسلوب ملتوٍ يتّبعه عدد كبير من البشر، من أجل الحصول على مآربهم على اختلافها، وتحقيق أهدافهم على تنوعها بوقت قصير، وذلك لأن ذواتهم تنقصها الثقة، ونظرتهم إلى الأمور مبتورة، وانعكاس صورهم الحقيقية في المرآة قبيح، فيرتدون أقنعة الكذب الرقيقة الهشّة، التي يظنون أنهم من خلالها قادرون على تمثيل الأدوار الخادعة التي تفرضها عليهم المناسبة أو الحالة الوقتية وإقناع من حولهم بها، إلى درجة تجعلهم في معظم الأحيان يصدقون أكاذيبهم، ويستغربون حين يصدّهم الآخرون ولا يصدقون أقوالهم.

لماذا يكذبون…؟  أرغبة منهم في الكذب لأنهم تعودوه؟ أم اختلال ثقتهم بأنفسهم؟ أم لإخفاء ما يُخجلهم؟ أم تجميل لواقع قبيح؟ أم تشويه لأمر جميل؟ أم يكذبون كيداً وحسداً وأذىً وانتقاما؟

يقولون لا تعاشر ثلاثاً: كاذباً… وبخيلاً… ومدمناً على المخدرات والكحول… وأولئك على اختلاف عاهاتهم الإنسانية والأخلاقية، يظنون أنهم قادرون على إخفاء حقيقتهم، ولكنهم يجهلون أن آثار آفاتهم الاجتماعية العميقة تسبقهم وتكشفهم، وهم بين الناس كالنعامة يغرسون رؤوسهم في التراب والكل يراهم.

قد يربح الكاذب جولة أو جولتين أو ربما أكثر، فيفرح بمنجزاته، ولكنه لا يعلم أن جولة الكذب التي قد يخسرها لمرة واحدة جرّاء حبكة غير متقنة أو عقدة مبالَغ فيها، سوف يكون ثمنها كشف كل أكاذيبه السابقة، وبالتالي التشكيك بكل أقواله وأفعاله، والإطاحة به، وسيصبح من الصعب عليه تمرير أكاذيب جديدة، وذلك بسبب فقدان الثقة في شخصه. وإن حصل وقرر الكاذب في يوم من الأيام ترك نهج الكذب، والعودة إلى سُبل الصدق، فالحذر منه سيحكم العلاقة به، والتعامل معه سيكون صعباً.

للأسف نحن نحيا في عالم كاذب مخادع مراوغ، ونغض الطرف عن الكاذبين، ولا نواجههم بكذبهم في معظم الأحيان، وذلك رغبة منا في المحافظة على ودهم، أو بذريعة أننا لا نريد أن نُحرجهم أو نجرحهم، أو أن أمرهم لا يهمنا. وصمتنا هذا يجعلهم يظنون أنهم نجوا ونجحوا في تمرير أكاذيبهم، وأننا صدقناهم، خصوصا إن كان كذبهم في ذلك الوقت لا يضرنا بشيء. ولكننا لا ندري أننا لو جرحناهم مرة أو أحرجناهم مرتين سوف يتم ردعهم وتراجعهم، فربما يأتي علينا الدور وتطالنا أكاذيبهم فيصينا منهم الأذى.

يقال أن هناك درجات لونية للكذب، ولكن كيف يمكن تصنيفها ورؤيتها؟ فالكذب كذب بكل درجاته الفاتحة منها والقاتمة، والكذبة الصغيرة إن تمّ تصديقها ستنمو وتكبر وتترعرع في كل مرة.

كثيرون يظنون بأنهم على مستو عالٍ من الذكاء والحنكة، خصوصاً اؤلئك الذين ينوّعون في الأكاذيب التي ترتدي مظهر الصدق، فيرسمون الحدث في رؤوسهم ويحبكون قصتهم ببراعة، ثم يضحكون ملء قلوبهم حين يصدّقهم من حولهم. وهذا النوع من الكاذبين لديهم أسلوبهم الخاص في الدفاع عن أنفسهم، فحين يتم اكتشافهم يستميتون كي يثبتوا صدقهم، وهو الأسلوب المعاكس أو المضاد الذي يستخدمونه لحماية الأكاذيب من خلال عملية التشكيك التي قد يثيرها إصرارهم.

أما النوع الآخر من الكاذبين الذين يثيرون الاشمئزاز هم اؤلئك الحمقى الذين حين تتم مواجهتهم بكذبهم، فينهالون على مُكتشفي الكذب بالشتائم والاتهامات والاستهجان والتكبر، ويشتعلون حنقاً، ويستشيطون غضباً على الرغم من أنهم يعلمون أن من يواجههم على يقين تام بكذبهم ولا مجال للشك لديهم، فتكون ردة أفعالهم كأصحاب الحق المنتهك، وكأن الذين أماطوا القناع عن وجوههم، وكشفوا أكاذيبهم قد ارتكبوا إثماً عظيماً بحقهم، فكان أجدر بهم أن يصمتوا ويحترموا خصوصيتهم وحقهم الشخصي في إنجاح كذبهم.

إن طرق الكذب قصيرة مهما طالت، ومتقطعة مهما كانت ملتوية، وأنفاقها مظلمة ونهاياتها مغلقة. وسالك سُبل الكذب كاذب في نظر الآخرين حتى لو صدق… وكلما كبرت الكذبة صَعب تصديقها… وكلما حاول الكاذب تقوية حجج أكاذيبه بمزيد من الأكاذيب جعل نفسه عُرضة للسخرية!

د. منى الشرافي تيّم

نُشِرت في عام | أضف تعليق

تعرف على الكتَّاب العرب ضيوف معرض الشارقة الدولى للكتاب

https://www.youm7.com/story/2022/10/18/%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%81-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D9%91%D9%8E%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D8%B6%D9%8A%D9%88%D9%81-%D9%85%D8%B9%D8%B1%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%89-%D9%84%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8/5945651

نُشِرت في عام | أضف تعليق

https://nabd.com/s/111183453-ac91bd/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D9%88%D9%8A%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%AE%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%87%D9%88-%D8%AC%D9%88%D9%87%D8%B1-%D8%A3%D9%8A-%D9%82%D8%B5%D8%A9

لشارقة تفتح أبوابها للكتاب والمفكرين

“هنا في الشارقة تتجسّد القيمة المعنويّة العليا للقراءة والثقافة، وهنا تكمن أهميتها”؛ بهذه العبارة استهلّت الدكتورة منى الشرافي تيم، روائية وناقدة أدبية وكاتبة فلسطينية أردنية، مشاركتها في الندوة الأدبيّة بعنوان “قارئ القرن الجديد”، التي تأتي ضمن فعاليات الدورة 41 من “معرض الشارقة الدولي للكتاب”، الذي تنظمه “هيئة الشارقة للكتاب” في مركز إكسبو الشارقة، ويستمر حتى 13 نوفمبر الجاري، تحت شعار “كلمة للعالم”

وخلال الجلسة التي أدارتها الإعلاميّة الدكتورة مانيا سويد، قالت منى الشرافي: “فتحت إمارة الشارقة أبوابها للكتاب والأدباء والمفكرين من مختلف أنحاء العالم كي تعلو بالكاتب والكتاب والقارئ معاً، ومن أجل نشر ثقافة القراءة وتشجيع الكتاب للاستمرار بهذه العملية الإنتاجيّة الأدبيّة”

وأضافت: “القراءة ثقافة وأسلوب حياة يبدأ من بيت يوجد فيه كتاب وقارئ للكتاب، هي شغف وجولة على العالم وفي عوالم من نوع آخر، جولة على الأفكار والثقافات والعادات والموروثات، والمحفّز الأول لعملية التركيز لأنها إثراء للعقل عبر حصيلة كبيرة من المفردات والمعاني والمصطلحات. والقراءة عمليّة اتحاد تحدث بين القارئ والكتاب، ورياضة عقلية تخفف من ضغوطات الحياة”

وأكّدت أنّ القرن الحالي يحمل لنا تحديّات كبيرة، قائلةً: “كلّ شيء يتحول إلى آلة ذكية مخيفة، شاشة وأزرار، والتغيرات مستمرة والمستقبل غامض ويزيدنا تعلقاً بالآلة، كل هذا يؤسس منظومة جديدة للكتاب، وهي منظومة الكتاب الرقمي الذي بات ينتشر ويتوسع بشكل هائل، فاليوم تختلف القراءة من شخص إلى آخر، وهي بدورها تساعد الفرد والقارئ على التعرف إلى نفسه وانفعالاته وتمكنه من اكتشاف أنواع المعرفة، والكتاب الذي ينجح فعلاً في إثارة الدهشة والمتعة لدى القارئ يأخذ به إلى فضاءات جديدة وهو جالس مكانه لأنّه يتحد مع الكلمات والمحتوى الذي يقدمه هذا الكتاب”

ولفتت إلى أنّه لا يُمكن التعميم بخصوص ماذا يقرأ قارئ القرن الجديد، بسبب اختلاف وتغير أذواق الناس، وكما للكاتب أسلوب وفكر وثقافة، فهي أيضاً لدى القارئ. وقالت: “كلّ قارئ جيّد هو ناقد جيّد، والنقد الأدبي هو فنّ بحدّ ذاته، وأحياناً يُشارك القارئ الكاتب عملية التأليف حينما يستبق الأحداث ويتخيل أموراً قد تحدث في الرواية بالرغم من عدم وجودها، فهذا يعتبر عملية تأليف جديدة بحدّ ذاتها، كما قد يتفوق القارئ على الكاتب بفضل فنّ النقد الأدبي والقدرة على الحكم على جودة الكتاب وأسلوب الكاتب

نُشِرت في عام | أضف تعليق