عنواني ظاهره شاعريُّ…وباطنه رسالة حياة!!
هي لحظة بين الوهم والحقيقة, وقد تكون كلمة تروي كل الحكاية, حرفها الأول كان حائراً فرسم نهاية لما يشبه البداية. وبينما كنت غارقة في حبر كلماتي, وأطوف على أشرعة صفحاتي, تفاجأت برعدات الشجن, وعصفات الألم الغاضبة تحوم في أفق عقولٍ يلفحها الظلام بدياجيره, فوجدتني أتوثّب كالخيل رشيقة في مواجهة حيرة الزمان الغارق في أوهام المفاهيم والمقولات, والعادات والتقاليد, صنعتها أخيلة البشر, بعد أن طغت عليها صبغات تلونت بالمرواغة طوراً وبالغدر أطواراً… أين الحقيقة؟! نحن نبحث عنها في دواخلنا, فنصطدم بفوضى الفكر وضجيج المشاعر, نتوغل في ظلام ملامحها, فترهبنا الرؤيا. ثمّ نهرب منها إلى غياهب الوهم القابع في أذهاننا, والحقيقة فيه كأزاهير اختنقت براعمها في رحم الأرض, حبلها السرّي تقطعت أوصاله, فعجز عن ضخ الحياة.
فالوهم خيارٌ وسلوك فرضته أيادٍ امتلكت سياط المال والسلطة والسلاح, وزرعته في نفوس تآكلها الفقر والضعف والطمع والهوان. وقرار الحقيقة في حقيقته قرارٌ مخيف! فهو صوت صارخٌ ينادي بالحرية والعدل والسلام والصمود, ويرفض الانصياع والذل, ويقف في وجه التشرذم والانقسام, الذي شيّده وسنّ قوانينه صوت الأنا الأنانية, فحين سمحنا له؛ صرخ في وجوهنا قائلاً: “كل شيء لي وملكي…ولا تسألوني عمّا هو لكم…فما لكم هو في الحقيقة لي…وإن خالفتموني فأنتم أعدائي وعليّ متآمرون”.
لا لوم على القلم حين يتحول إلى فأسٍ تنبش في بطون أتخمها الشر, وأعمت نفوسها عظمة الوهم. فنجد القوي يغالي في قوته, ليأكل الضعيف, ثم نجد الضعيف يزداد قهراً وضعفاً. والحب لا يأتي مصادفة كما يدّعون, بل هو بحاجة إلى قرار من أرواح تغلي في عروقها الدماء. والكره لا يأتي مصادفة كما يقولون, بل هو إحساس بارد دفين يستوطنه البؤس, فيرتدي نظارته القاتمة, التي تحجب أشعة الشمس ووضاحة النهار.
والحقيقة الكاملة لوحة حقيقية تضم كل ما هو عجيب ومتشابه ومختلف. أما الوهم الواهي المتنامي, فهو الذي يخلق صوراً تفرض نوعاً عارياً من السيطرة وتكون في مواجهة مع الرغبات الإنسانية, التي تندثر وتتلاشى أمام القوانين الجاهزة, التي يتم تنفيذها بغيبية وكأنها فرض صلاة. ومن أمثلة القوانين الجاهزة؛ بدعة الاتشاح بالسواد, ذلك السلوك الذي يرافق الحزن أو فقدان عزيز. من هو ذا الذي سنّ قانون السواد وحدد وظيفة للألوان؟ فحصل السواد على وظيفة الأحزان, وحازت الألوان على وظيفة الأفراح؟! وهناك خيط رفيع يفصل بين الوهم والحقيقة, فالوهم هو متاهة الخيار الخاطئ. أما الحقيقة فهي فطرة سليمة مفاصلها متينة, مهما تعرّجت مساربها وطالت سبلها, ستصل إلى بر الأمان.
وإن كان للحقيقة محطة, فإن للوهم محطات نتوقف أمام مراياها ونتخيلها كما نريدها نحن أن تكون, وليس كما تعكسه من حقيقة, لأنها إن ظهرت فمن شأنها أن تفضح عوراتنا وتبيّن خوائنا. وليس هناك أوضح من الصور الوهمية التي تعكسها مرايا مجتمعاتنا, كصورة حصول المرأة على حريتها, فأين هي المرأة من الحرية؟ فقد تنازلت عن كينونتها ودورها الحقيقي في المشاركة في بناء المجتمع وقيامته, وآثرت التمسك بالقشور الاجتماعية البالية لتثبت أنها موجودة وقادرة على التحدي وإحداث التغيير, ولكنه للأسف تغيير سلبي, بل مدمر أحياناً. أما الصورة الأكثر خطورة وضبابية, فهي قتل الشرف الذي ما زالت تتعرض له المرأة في بعض مجتمعاتنا المتخلفة الواهمة.
للحقيقة فصول تتسلل من أقاصيص الأمس لتروي عناق الحلم والأمل, شذاها الحب يتغنى على لحن جداول الفردوس… وإن غضبت تلد بروقها المطر. وللوهم خلف أسوار الزمان الواهي..خواطر في هذيانها.. كأنها حلقات تتعالى.. ثمّ تتهاوى..فينزف جوفها..قطرات الوعد..لينبثق من الانتظار..انتظار..ثم انتظار!!
منى الشرافي تيم
برافو متمكنه اذا جاز لي ان احكم على تكتبين
أشكرك شهادة أعتز بها
If you’re looking to buy these aritelcs make it way easier.
أعجبني جدا ًقلمك المدار الذي يفيض فكراً وإبداعا ً…