شعار المواسم والأعياد وبداية العام الدراسي

(فرّغ ما في الجيب يأتيك ما في الغيب)

    ” كل عام وأنتم بألف خير”, “وينعاد عليكم”. معايدات يرددها الناس فيما بينهم في المواسم والأعياد, التي تترافق عادةً مع بعضها بعضاً, وكأن القدر يصمم على أن يلعب دوره, ويؤكد على  تحالفه مع تلك المواسم ومع التجّار, لخوض معركة استنزاف رابحة ضد المواطنين, وتفريغ ما في جيوبهم, إن كان لهم جيوب؟!… وتلك المواسم في حقيقتها ليست مواسم أعياد وفرح وبهجة كما خُلقت لتكون, بل هي مواسم بيع وربح وطمع واستغلال بكل ما تحمله هذه المصطلحات معانٍ.

     المواسم والأعياد بكل أشكالها, أصبحت مظهراً من مظاهر الغلاء والاستغلال والحاجة, التي تُثقل كاهل المواطنين وأرباب الأسر, وتجعلهم, بدل أن ينتظروا بهجتها وفرحها, يحسبون  لها ألف حساب, لأن فيها إرهاقاً لميزانياتهم, التي يعملون كل السنة كي يدّخروا ما أمكنهم استعدادا لتغطية مصاريف تلك المواسم.

    منذ أيام قليلة ودّعنا شهر الرحمة والبركة, أعاده الله علينا وعلى الأمة العربية والإسلامية بالخير, الذي بدل أن يكون شهر عبادة ويمن, كان شهراً أضاف إلى أعباء المواطن, التي لا حصر لها, أعباءً جديدة, بالتزامن مع سوء الأوضاع السياسية والاقتصادية بشكل عام . ففي الفترة التي سبقت شهر رمضان, كانت أسعار المواد الغذائية – ربما مقبولة وعاديّة – ولكنها بين ليلة وضحاها ومع حلول الشهر الفضيل, ارتفعت, وبشكل ملحوظ أسعار الخضار والفواكه واللحوم وكل ما يحتاجه الإنسان محدود الدخل في هذا الشهر المبارك الفضيل.

    مرّ شهر رمضان على خير!! وأطلّت احتفالات الأعياد وأهلّت ببهجتها, فأصاب فيروس الغلاء الثياب والأحذية والألعاب والحلويات والمطاعم.

     وتصبح المواجهة أقسى وأصعب, وتستفحل الضائقة على الأسر مع حلول موسم المدارس والجامعات؛ فالأسرة الواحدة ذات الموارد المتدنيّة, قد تتمكن من الاستغناء عن بعض الكماليات في رمضان والأعياد وتكتفي بتأمين الأساسيات. ولكنها لا تستطيع أن ترسل أبناءها إلى المدرسة من دون لوازمهم الأولية  كالحقائب والكتب والقرطاسية, التي ترتفع أسعارها بشكل لافت, وهذا أمر بالغ الحساسية, والتلاعب به غاية في الخطورة, فالقطاع التعليمي والتربوي هو أساس التطور والتقدم ويشكل حجر الأساس للارتقاء الحضاري والإنساني.

    ومع حلول موسم المدارس, ترتفع صرخة الأهالي بالشكوى طالبين الرأفة من التجار والحكومات وأصحاب القرار. كما ترتفع معها أصوات أصحاب المكتبات والمتاجر, الذين يرمون التهمة على الحكومات والمورّدين الكبار. ويشتكون من ارتفاع قيمة إيجارات محالهم, ويتحججون بأنهم خلال العام, يتكبدون خسائر كبيرة, وهذه هي فرصتهم الوحيدة التي يعوّلون عليها لتعويض خسائرهم وجني الأرباح. “فمصائب قوم عند قوم فوائد”.

    أين هي الحكومات العربية؟… غافلة, غافية! … هي وبكل بساطة غارقة في معالجة مشكلاتها السياسية, خصوصاً صراعها ضد مواطنيها, الذين يهتفون للحرية ويطالبون بكرامة العيش. كما تجهد تلك الحكومات من أجل حقها في البقاء لتبوّء مراكز السلطة العليا. وفي خضم هذا الجهاد والنضال المتواصل, نست تلك الحكومات, وعلى الأغلب تناست هموم المواطن ومعاناته وفقره وحاجته, ذلك المواطن الذي هو أساس الأوطان وارتقاء المجتمعات والدول. والثورات والاحتجاجات الشعبية النامية والمتنامية يوما بعد يوم, أثبتت أن إرادة الشعوب, هي التي تنصّب وهي التي تعزل الحكام والحكومات. لذلك على الدول التي تعاني اقتصادياً, أن تضرب على يد التجار والمستغلين بيدٍ من حديد, رأفةً بالعباد, والعمل على مراقبة الأسواق عن طريق تكثيف حملات التفتيش على المكتبات والمتاجر, لمنع الاستغلال ورفع الأسعار غير المبَرّر, بالإضافة إلى رفع مستوى العقوبات, كإغلاق المحال وسحب الرخص, وتأكيد تسعيرات محددة, من شأنها ضبط الأسعار, للتخفيف من ضائقة الأهالي ومساعدتهم على توفير المستلزمات الأساسية, وتأمين الحياة الكريمة لأبنائهم.

    إن الفقر وقلة الحيلة, والبطالة, كل ذلك  يولّد اليأس والإحباط, فينتج عن ذلك ما يقع وما لا يقع في الحسبان!

                                                                          منى الشرافي تيّم

الرجاء ترك تعليق