ليس مهما أن ترضى عنا الناس.. وليس مهما أيضاً أن نحظى بتقديرهم ومباركاتهم على كل شيء نفعله… والأهم أن لا نصدقهم في كل ما يقولونه. وأقول ذلك ليس تقليلاً من شأنهم أو هروبا من أحكامهم، فنحن نعيش معهم وبينهم ولا يمكننا الانفصال عنهم، ولكن لأن الناس أنواع وأجناس وثقافات ومصالح… فهناك من تتحكم بأحكامهم عواطفهم، كما أن هناك من تتحكم بأحكامهم عقولهم ومنطقهم، وهناك من يتلونون بشتى الألوان، وأحكامهم تحكمها المواقف التي يتعرضون إليها…
فالحكم بالعاطفة خطير جداً… لأنه قد يأتي من محبين، عيونهم لا ترى عيوبنا، فنحب أن نصدقهم إلى درجة تعمى فيها أنظارنا، فنرى الخطأ صواباً، مما يؤدي بنا إلى التمادي فيه لنبقى على عمانا… وقد يأتي من حاسدين لا يرون من نجاحنا إلا فشلهم، ويستكثرون علينا القليل حتى لو كانوا يملكون الكثير منه… أو على ضآلتهم قد يتطاولون على من هو خير منهم، وهم بذلك يسيرون ويسيّروننا رغماً عن إراداتنا في طريق الضلال المبين، معبّدين لنا العثرات التي من شأنها أن تحد من طموحاتنا وتقطع علينا سبل الاستمرار.
أما الحكم بالعقل فقد يكون عادلا…نفخر به ونرضى فيه إذا كان إيجابياً ويقدر نجاحنا ويضيء مجهودنا. ولكنه في الوقت نفسه قد يكون قاسياً… مؤلماً… ومحطِماً إذا كان سلبياً. وهنا يجب أن نكون على قدر المسؤولية في تحمل النقد ونتقبل قسوته طالما أنه سيخرجنا من ظلماتنا، وينير لنا سبل الصواب.
وأخيرا… الأحكام الملونة والمتلونة، وهي تلك التي قد تمدح ما من شأنه أن يُذم… وتذم ما من شأنه أن يُمدح…. وكل ذلك بما يتناسب مع أهوائها ومصالحها… وهذا النوع من الأحكام هو الأكثر خطورة على الأفراد والجماعات والمجتمعات، فأصحابها يجيدون فنون الكذب والرياء والمكر والخداع، ويجب علينا كشفهم وتمييزهم كي نتقي أخطارهم.
لذلك… ولكل تلك الأسباب التي ذكرتها… علينا أن نكون الحَكم الحقيقي العادل على أنفسنا، ونبحث عن ذلك الرضا النفسي، الذي يعكس حقيقة مشاعرنا وتطلعاتنا… فالطموح محمود مهما علا، والسير على خطى من سبقونا وتفوقوا علينا بمجهودهم وعملهم ومثابرتهم… حق!! وليس بالضرورة أن ننجح مثلهم، أو أن نحسدهم إذا لم يحصل؟! أو نحاول أن نوهم أنفسنا بادّعاء التفوق عليهم، ونلعن الحظ الذي حالفهم وخلا بنا… وإن حصل وتفوقنا عليهم، فلنحرص على تواضعنا.
قمة الوصول هي المقدرة على تقييم الذات قبل تقييم الآخرين لها، مذيلة بالعمل والمثابرة وبذل الجهد، وينتج عن كل هذا السعادة وراحة البال، التي لا يمكن أن يحققها المال ولا الجاه ولا المناصب ولا الشهرة ولا الجمال…. كل هذا يتحقق – بالقناعة – التي هي الكنز الذي لا يفنى!!
فلو نظرنا حولنا وتأملنا أحوال الناس عن قرب بعيدا عن القشور الزائفة والأوهام التي نغرق أنفسنا بها كي نجد لها الأعذار ونعلق فشلنا على شماعتها، لاكتشفنا أننا ربما أفضل حالا من كثيرين نرفع رؤوسنا إلى فوق كي نراهم، وطالما ظننا أن الله قد أعطاهم وحرمنا، والحقيقة هي أن الله ربما قد أعطانا وحرمهم!!
-
أحدث التدوينات
My Twitter
- https://t.co/ghEow3IYDQحوالي 5 days ago
- أمّي.. ثم أمّي.. ثم أمّي.. monaalshrafi.com/2023/03/21/%d8… via @MonaTayim لأن الأم في حياتها كبيرة جداً، ولكنها حين تغيب تصبح أكبر!!حوالي 6 days ago
- أمّي.. ثم أمّي.. ثم أمّي.. monaalshrafi.com/2023/03/21/%d8…حوالي 6 days ago
- https://t.co/2f9JcoqTkiحوالي 1 week ago
- ثقافي / معرض الشرقية للكتاب 2023 يُنظم مؤتمر الطفل الأول spa.gov.sa/2432850 التغطية الصحفية لمؤتمر الطفل… twitter.com/i/web/status/1…حوالي 2 weeks ago
الأرشيف
- مارس 2023
- فيفري 2023
- نوفمبر 2022
- مارس 2020
- جانفي 2020
- نوفمبر 2019
- جويلية 2019
- أفريل 2019
- مارس 2019
- جانفي 2019
- ديسمبر 2018
- نوفمبر 2018
- أكتوبر 2018
- سبتمبر 2018
- جويلية 2018
- جوان 2018
- ماي 2018
- مارس 2018
- جانفي 2018
- ديسمبر 2017
- نوفمبر 2017
- سبتمبر 2017
- أوت 2017
- جويلية 2017
- جوان 2017
- ماي 2017
- أفريل 2017
- مارس 2017
- فيفري 2017
- جانفي 2017
- ديسمبر 2016
- نوفمبر 2016
- أكتوبر 2016
- سبتمبر 2016
- ماي 2016
- مارس 2016
- جانفي 2016
- ديسمبر 2015
- نوفمبر 2015
- أكتوبر 2015
- سبتمبر 2015
- أوت 2015
- جويلية 2015
- جوان 2015
- ماي 2015
- أفريل 2015
- مارس 2015
- فيفري 2015
- جانفي 2015
- ديسمبر 2014
- نوفمبر 2014
- أكتوبر 2014
- سبتمبر 2014
- أوت 2014
- جويلية 2014
- جوان 2014
- ماي 2014
- مارس 2014
- فيفري 2014
- جانفي 2014
- ديسمبر 2013
- نوفمبر 2013
- أكتوبر 2013
- سبتمبر 2013
- أوت 2013
- جويلية 2013
- جوان 2013
- ماي 2013
- أفريل 2013
- مارس 2013
- فيفري 2013
- جانفي 2013
- ديسمبر 2012
- نوفمبر 2012
- أكتوبر 2012
- سبتمبر 2012
- أوت 2012
- جويلية 2012
- جوان 2012
- ماي 2012
- أفريل 2012
التصنيفات
منوعات
-
انضم مع 31٬828 مشترك
احيانا اقرأ لكي واستشعر وكأني اقرأني وأقراء افكارا كانت تروادني تعبرين عنها كما لو اني امتلك ناصية قلمك واكتب بيدك ما يدور بخلدي ….رائعه منى كعادتك وليتني اقف عند ملامح شخصيتي من توصيفك وموقعي من تلك الشخصيات ….
الهم الذي نحمله في هذا العالم نفسه، وكثيرون غير قادرون على التعبير عما يجول في خواطرهم… والكاتب حين يترجم ما يدور حوله ويحولها إلى كلمات يسجلها باسمه وباسم كل انسان يشعر ويفكر ويتأثر ويؤثر
وأنت يا ياسر انسان حساس جدا.. وقد عبرت عن شخصيتك مرارا في أشعارك وخواطرك الجميلة
رائعة أنتِ يا كل المنى