ماذا يمكنني اليوم أن أكتب؟ وما هي الكلمات التي ستسعفني وتعبر عم يدور في وجداني من ألم وحرقة ورفض؟ كيف لي أن أعبر عن ثورة نفسي وثورة أنفسكم وغليان روحي وغليان أرواحكم وهناك من يدوس قلبي وقلوبكم… ويستبيح كراماتنا وينتهك وجودنا على هذه الأرض؟
يسفك الصهاينة بمباركة البربري “ترامب” دماء الأبرياء الذين يدافعون عن أرضهم وعرضهم وترابهم ووجودهم، فيستشهدون ويسقون بدمائهم الزكية بطن الأرض فتتبارك وتنتعش… أما نحن فيقتلنا كل يوم صوت صمت العرب ويحرقنا عجزنا ونموت هواناً. عيوننا تتفرج وآذاننا تسمع، وأجسادنا مشلولة ورؤوسنا مشتعلة بالتساؤلات… لم كل هذا التقهقر… لم كل هذه الانهزامية… لم كل هذا الانسياق ولم كل هذه التبعية؟ ما الهدف من كل هذا يا عرب؟ على من تبنون الآمال؟ على عدو كاره حقود بربري مغتصب لن يتوانى أن يقتنص أكبادكم في اللحظة التي ترفعون فيها رؤوسكم.
آآآآه يا فلسطين… وآآآه يا قدس…
وآهات الآهات يا عرب… على ماذا تراهنون؟ أتراهنون على مجنون تحركه غريزة الكره والعنصرية والبربرية والسلاح والمال …؟ أم تراهنون على صهاينة يريدون أن يمسحوا تاريخكم وحاضركم ودينكم ووجودكم؟
ترامب يا عرب… خطط ووعد ونفذ دون أن يرف له جفن أو يحسب لكم أي حساب…
نحن نعلم أن الصهاينة منذ زمن طويل وهم يحلمون بإعلان القدس عاصمة لهم على الرغم من أنها ضمنياً عاصمتهم، وتصرفوا فيها على هذا الأساس… قسّموها وفصلوها وهجّروا أهلها، إلا أنهم لم يجرؤوا على فعل ذلك علانية ليس خوفاً من العرب، الذين أثبتوا مراراً وتكراراً أن أفقهم ضيق، وذاكرتهم مفقودة، وكرامتهم مهانة، وأموالهم لأعدائهم، ودينهم على الهوية، وإنما رهبة من شعب لا يهاب الموت ولا يخشاه. يقتلون منهم واحداً ينبت لهم ألف. تُرعبهم طفلة، وتُزلزل أمنهم امرأة، ويحتشد الجنود بعديدهم وعتادهم كي يصوبوا طلقات الحقد على صدر طفل يحمل حجر، وعلى رأس شاب يحمل علم.
افتتحت ابنة ترامب هي وزوجها الصهيوني (الحورية الصفراء الشقراء) القبيحة ذات الأسنان الطويلة المركبة من السيراميك وصاحبة الضحكة البلهاء السفارة الأمريكية في القدس! القدس… وما هي القدس… هي مهد الأديان والرسالات السماوية، في قلبها المسجد الأقصى المبارك، هي قبلة العرب والعروبة، هي اليوم المذبوحة المسلوبة المغتصبة والعالم كله يتفرج، والفلسطيني في الداخل ينزف دماً، وفي الشتات ينزف قهراُ. والمواطن العربي يبكي ألماً وعجزاً، فلا حول له ولا قوة، فالقدس ليست للفلسطينيين فحسب، بل هي لكل العرب، لذلك لم يتمكن أحد من القول أن هذا شأن فلسطيني، لا علاقة لنا به كما جرت العادة.
وكي أكون صريحة لا أدري ماذا أقول؟ وما هي الصرخة التي أرغب في أن يسمعها الجميع؟ ولكن ما أعلمه جيداً هو أن الغضب يتملكني، لأن ما يحصل في القدس اليوم هو بداية نهاية العرب ونكبة العروبة ونكسة الإنسانية… لقد بدأ ظلامنا الدامس مع مسرحية أحداث 11 سبتمبر، التي غيرت وجه شرقنا فشرذمته وقسمته وأحرقته ونهبته، ودفعنا الأموال الطائلة لشراء السلاح من أجل أن يقتل الأخ أخاه. وها هم يكملون ما بدأوه بمباركة أيادٍ سيحرصون على بترها بعد أن يفرغوا منها.
للصهاينة أقول… لن تهنأوا على أرض ترابها مقدس سيلفظكم، وبطنها براكين لهب ستحرقكم وتحولكم إلى رماد ستبعثره الرياح. وترامب أيها البرتقالي الذي لا ينتمي إلى جنس البشر، فلا أنت أمريكي أصفر، ولا من الهنود الحمر… أنت كائن شاذ تكوّن من براز الخنازير. وقد يقول قائل أن هذا الكائن المختل عقلياً يحكم العالم، ولكن ما لا شك فيه أن العالم كله يبغضه ويكرهه ويرفض سياساته المقيتة القبيحة الدموية البربرية… إلا أنه عند العرب فارس مغوار سيأتي على آخرهم.
إن الشعوب والجيوش والملوك والرؤساء والقادة ورجال الدين العرب قادرون على قلب الطاولة وهز الأرض تحت أقدام الطغاة والطامعين والمتربصين من كل الملل، ويحصل هذا حين يتكاتف أصحاب القوة والمال والسلطة، ويتوحدون تحت لواء الكرامة والعزة والشرف والقلب الواحد والكلمة الموحدة… عندها سيُحسب لهم ألف حساب!
فهل من معتصم لهذا الزمان يُبيّض صفحات تاريخ خُطت بحروف الذل والعار والمهانة؟!!
د. منى الشرافي تيم