التجربة العبريّة
وصف أحمد درويش التجربة العبرية بالمعجزة، لأنها بقيت لغة شبه دينية على مدى قرون عديدة، وكان نطاق استخدامها ضيقاً؛ لكن منذ أواسط القرن التاسع عشر، برزت مجموعة من الشباب اليهود الأوروبيين شكلت حركة لإحياء اللغة العبرية الميتة، التي قادها أليعازر بن يهودا، الذي أطلق شعار: “لا حياة لأمة بدون لغة” ودعا إلى إحياء اللغة العبريّة عند الأجيال الجديدة، ولكن الأمر كان شبه مستحيل، وذلك لافتقار اللغة العبرية إلى معظم مفردات الحياة المعاصرة، ومع ذلك تمسك أليعازر بفكرته وهاجر عام 1881م، إلى فلسطين، ثم أنشأ أول بيت يهودي، فُرضت فيه اللغة العبرية، كلغة للتخاطب؛ وعلى الرغم من سخرية الناس منه، إلا أن اليأس لم يدخل وجدانه، فأسس رابطة للمتكلمين باللغة العبرية في فلسطين، ثم أصبح منـزله منتدى يلتقي فيه الشباب اليهود، الذين تحمسوا للغة، وتمّ بعد ذلك إصدار مجموعة من الصحف باللغة العبرية في القدس، وخُصص بعضها للأطفال، وحرصوا على أن تكون أسماء أبطال القصص بأسماء عبرية. ولم يتوقف أليعازر هنا، بل عاد إلى كتب الأقدمين في العهد القديم والتلمود والأدب العبري في الأندلس واللغات السامية، وقام بتطويعها، وأنجز قاموساً باللغة العبرية القديمة والجديدة، وحين كان يستعصي عليه مصطلحٌ ما، ولم تساعده كتب التراث على إيجاده، كان يبتكر مصطلحات جديدة كي يسد الثغرات، وتمكّن في حياته من إنجاز تسعة مجلدات كبيرة من المعجم، وأكمله تلاميذه من بعده حتى وصل إلى ستة عشر مجلداً. فأثمر عمله ونشط اليهود لإنشاء مدارس حديثة، كل علومها بالعبرية. وتمددت بعد ذلك دعوة أليعازر حتى وصلت أوروبا، فبدأت تُصدر صحفاً باللغة العبرية. وخلُص أحمد درويش إلى أن التجربة العبرية كانت محاولة بارزة لتماسك الهوية من خلال لغة تمّ إحياؤها من عدم؛ وها هي العبرية اليوم أصبحت لغة حيوية تُدرّس بها كل العلوم الحديثة، وتعقد بها المؤتمرات، ولا يتمحكون باللغات على الرغم من أنهم يجيدونها( )؛ ثم يسترسل أحمد درويش منتقداً تراخي العرب قائلاً: “ندرس المعرفة المتقدمة فلا ندرك منها إلا القشور، ونعود إلى المعرفة الإنسانية، فلا نكلف أنفسنا مجرد إجادة لغتنا”( ).
-
أحدث التدوينات
My Twitter
- https://t.co/ghEow3IYDQحوالي 1 week ago
- أمّي.. ثم أمّي.. ثم أمّي.. monaalshrafi.com/2023/03/21/%d8… via @MonaTayim لأن الأم في حياتها كبيرة جداً، ولكنها حين تغيب تصبح أكبر!!حوالي 1 week ago
- أمّي.. ثم أمّي.. ثم أمّي.. monaalshrafi.com/2023/03/21/%d8…حوالي 1 week ago
- https://t.co/2f9JcoqTkiحوالي 1 week ago
- ثقافي / معرض الشرقية للكتاب 2023 يُنظم مؤتمر الطفل الأول spa.gov.sa/2432850 التغطية الصحفية لمؤتمر الطفل… twitter.com/i/web/status/1…حوالي 2 weeks ago
الأرشيف
- مارس 2023
- فيفري 2023
- نوفمبر 2022
- مارس 2020
- جانفي 2020
- نوفمبر 2019
- جويلية 2019
- أفريل 2019
- مارس 2019
- جانفي 2019
- ديسمبر 2018
- نوفمبر 2018
- أكتوبر 2018
- سبتمبر 2018
- جويلية 2018
- جوان 2018
- ماي 2018
- مارس 2018
- جانفي 2018
- ديسمبر 2017
- نوفمبر 2017
- سبتمبر 2017
- أوت 2017
- جويلية 2017
- جوان 2017
- ماي 2017
- أفريل 2017
- مارس 2017
- فيفري 2017
- جانفي 2017
- ديسمبر 2016
- نوفمبر 2016
- أكتوبر 2016
- سبتمبر 2016
- ماي 2016
- مارس 2016
- جانفي 2016
- ديسمبر 2015
- نوفمبر 2015
- أكتوبر 2015
- سبتمبر 2015
- أوت 2015
- جويلية 2015
- جوان 2015
- ماي 2015
- أفريل 2015
- مارس 2015
- فيفري 2015
- جانفي 2015
- ديسمبر 2014
- نوفمبر 2014
- أكتوبر 2014
- سبتمبر 2014
- أوت 2014
- جويلية 2014
- جوان 2014
- ماي 2014
- مارس 2014
- فيفري 2014
- جانفي 2014
- ديسمبر 2013
- نوفمبر 2013
- أكتوبر 2013
- سبتمبر 2013
- أوت 2013
- جويلية 2013
- جوان 2013
- ماي 2013
- أفريل 2013
- مارس 2013
- فيفري 2013
- جانفي 2013
- ديسمبر 2012
- نوفمبر 2012
- أكتوبر 2012
- سبتمبر 2012
- أوت 2012
- جويلية 2012
- جوان 2012
- ماي 2012
- أفريل 2012
التصنيفات
منوعات
-
انضم مع 31٬828 مشترك