مطار بيروت… “كابوس الصحوة”… للمسافرين!!

الكابوس كما هو معلوم للجميع… يراه الإنسان أثناء نومه، ويدوم ربما بضعة ثواني أو بضعة دقائق، ثم يصحو منه النائم خائفاً مذعوراً مع ازدياد ملحوظ في دقات القلب، مما قد يؤدي في بعض الأحيان إلى السكتة القلبية عند مرضى القلب أو أصحاب الضغط المرتفع…
أما الكابوس الآخر الذي أودّ الكلام عنه اليوم فهو: “كابوس الصحوة”، وهذا النوع من الكوابيس قد عايشه وجرّبه كل مَن سافر عبر مطار بيروت في الفترة الماضية. هو كابوس يدوم لعدة ساعات، وتفشل كل محاولات المسافر للاستفاقة منه، ويتسبب – حتماً- في نوعين من الأذى (للشخص السليم المعافى)، النوع الأول جسدي ويتمثل في: ديسك في الظهر، وديسك في الرقبة، بالإضافة إلى شدٍّ عضلي يمتد من رؤوس الأصابع إلى الورك. أما النوع الثاني من الأذى، فهو نفسي يتمثل في: خروج الشخص عن تماسكه، وفقدانه صبره، وضيق في نفسه، وكل ذلك يؤدي به إلى نوع من العدوانية تجاه الآخرين. أما إذا كان المسافر مريضاً أصلاً.. (فالله يرحمه)!
في يوم 5- 8 -2014 بعد الظهر، غادرتُ مطار بيروت متوجهة إلى الأردن، وقد كنت في المطار قبل ساعتين ونصف من موعد الإقلاع، بهدف شراء بعض الهدايا من السوق الحرّة، وحمدت الله أنني ذهبت باكراً! فقد حصل ما لم يكن بالحسبان، وذلك أنني استقلّيت الطائرة قبل إقلاعها بدقائق معدودة.
قضيت في ذلك اليوم نصف ساعة كاملة بانتظار وصولي إلى نقطة التفتيش الأمني الخارجي، ثم انتقلت إلى انتظار آخر لمدة 45 دقيقة في طابور طويل، حتى وصل دوري لتسليم حقيبتي وحصولي على بطاقة دخول الطائرة… تنفست بعد هذا الإنجاز الصعداء، وظننت أن الفرج قادم.. إلا أن الفرج لم يأتِ، بل أتى شيءٌ آخر، وهو الانتظار في طابور الأمن العام الذي يسير ببطء السلحفاة العجوز – فموظف واحد فقط يجلس في كابينته لتيسير أمور الحشود المنتظرة لختم جوازات سفرها – وما أن انتهيت من طابور الأمن العام، حتى توجهت للوقوف أكثر من 15 دقيقة في طابور نقطة التفتيش التي تسبق دخول الطائرة، وفور إنجازي بأعجوبة إجراءات المطار، سمعت هاتفاً ينادي – منى الشرافي- منى الشرافي – ضرورة التوجه إلى الطائرة فوراً؟!
ظننت أن كل ما حصل معي أنا وكُثر مثلي هو نوع من الحظ السيئ، أو ربما يعود لسبب طارئ في ذلك النهار استدعى كل هذا التأخير… فوجدتُ لهم العذر في نفسي، على الرغم من الإرهاق الشديد الذي شعرت به حين جلست أخيراً على مقعدي في الطائرة.
إلا أن ما عانيته يوم سفري إلى الأردن لم يكن شيئاً بالمقارنة مع “كابوس الصحوة” الذي عشته يوم سفري أنا وابنتي إلى لندن في 23-8- 2014 بعد الظهر. فقد قررت في ذلك اليوم (التذاكي) والذهاب إلى المطار قبل ثلاث ساعات ونصف الساعة، كي لا يتكرر ما حصل معي سابقاً، وقلت في نفسي: “أذهب إلى المطار باكراً وأجلس لاحتساء فنجان من القهوة بهدوء، أفضل من الضغط النفسي الذي قد يسببه الانتظار الطويل”، والحمد لله، أنني فعلت! وذلك لأن أعداد الناس التي كانت مصطفة في طوابير إجراءات المطار لحظة وصولي، كانت خرافية، بحيث يشعر المسافر بالذل والقهر والاستصغار، فقد وقفت أنا وابنتي وكل من كان مسافراً في ذلك اليوم ثلاث ساعات متواصلة، نتنقل من طابور إلى آخر.
ولا بد من الإشارة إلى أن (لا معاملة خاصة للأطفال أو كبار السن) لذلك كان الأطفال يزحفون على الأرض زحفاً بعد أن خانتهم أقدامهم من أجل التقدم إلى الأمام حين كان يتحرك الطابور. أما كبار السن، فحدث ولا حرج. وذنب الجميع… هو أنهم مضطرون للسفر عبر مطار بيروت.
وأخيراً… لا بدّ من عقد المقارنة، فحين وصلنا إلى مطار “هيثرو” في لندن، وقفنا في طابور لولبي طويل بأعداد كبيرة من البشر، ولكن بقدرة قادر وخلال عشر دقائق فقط كنا قد أنهينا إجراءات ختم الجوازات، وذلك لأن أعداد الموظفين الذين يسهلون أمور الناس كبيرة. وحمدنا الله لأننا استعدنا إنسانيتنا…!!

منى الشرافي تيّم

About monaat

منى الشرافي تيم فلسطينية الأصل والجذور أردنية الجذع والفروع لبنانية الثمر والزهور ابنة الوطن العربي...فخورة بعروبتي عضو في اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين عضو في المنظمة العالمية لحوار الحضارات في العالم إصدارات: عدد 8 روايات: وجوه في مرايا متكسرة مرايا إبليس مشاعر مهاجرة وجدانيات: حروف من نور كالمنى اسمي نقد أدبي: أدب مي زيادة في مرايا النقد الجسد في مرايا الذاكرة أدب الأطفال: العربيزي والجدة وردة الإصدارات عن الدار العربية للعلوم ناشرون - بيروت المؤهلات:دبلوم في هندسة الديكور والتصميم الداخلي:الأردن دبلوم في إدارة الأعمال:إنجلترا ليسانس ودبلوم دراسات عليا في اللغة العربية وآدابها ماجستير في اللغة العربية وآدابها تخصص نقد أدبي واجتماعي, جامعة بيروت العربية بعنوان: "أدب مي زيادة من منظور النقد الأدبي والاجتماعي درجة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها تخصص نقد أدبي حديث (جامعة بيروت العربية) بعنوان: "الفن الروائي في ثلاثية أحلام مستغانمي دراسة تحليلية نقدية"
هذا المنشور نشر في عام. حفظ الرابط الثابت.

1 Response to مطار بيروت… “كابوس الصحوة”… للمسافرين!!

  1. اكرم كتب:

    اننا شعوب عربيه لا تزال في طور العصري الحجري الاول نعم لا نزال نتخبط في مستقعات الرجعيه والجهل ولذا لا عجب ان نرى ان قيمه الانسان هي اخر اهتمامات انظمتنا السياسيه والمناط بها خدمه المواطن .. مواطننا العربي لا قيمه ولا وزن ولا مكانه له في وطنه …

الرجاء ترك تعليق

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s