الغيرة.. حب أم تملّك؟!
خط رفيع جداً، ذلك الذي يفصل، بين الغيرة التي دافعها الحب، وبين الغيرة التي دافعها التملك.
فالغيرة المدفوعة بالحب، هي غيرة محببة، لها نكهات متعددة، تتمثل في إضفاء مشاعر الألفة، والشغف، واللهفة، والشوق، والدلال على أجواء المحبين، وتؤكد مع مرور الوقت على تقاربهم، وتساعد على تجدد مشاعرهم. فهي بمثابة عين القلب التي ترى الحبيب الأجمل والأبهى، وتظن أن أعين الناس من حولها تراه على نفس القدر من الروعة والجمال. فما نراه في عيون الآخرين، هو انعكاس لدواخلنا، وترجمة حيّة لمشاعرنا. والغيرة المحببة، هي أساس متين من الأسس الكثيرة التي يقوم عليها الحب ويربى.
أما غيرة التملك فهي القاتلة للحب، والسجن المعنوي والمادي للمحبين، ومن الصعب لأي كان أن يتعوّد على العيش داخل القضبان، حتى لو كانت مصنوعة من الذهب، والسجين لا بد من أن يسعى يوما إلى سبيل يخلصه من سجانه مهما طال الزمن.
قد يظن البعض أن الارتباط بالآخر، والاعتراف له بالحب.. هي شهادة ملكية يتم توقيعها من قِبل طرفين، ترتسم من خلالها أطر حريتهما الشخصية وحدودها، وذلك من خلال تأجج مشاعر الغيرة، فتتضاءل بوجودها مقدرة الفرد على اتخاذ القرارات، وقد تؤثر على شخصيته، فتزعزع استقلاليته في المجتمع، وينخفض مستوى فاعليته، وذلك لشعوره بأنه مراقب، وأي تصرف خارج عن إرادته، قد يستدعيه موقف ما، كأنه ذنب تم اقترافه في حق الآخر، ذلك الآخر الذي يراقب، وينتظر لحظة الانقضاض، وتسجيل نقاط في مرمى الوهم.
لا بد من الإشارة إلى أن مشاعر الغيرة حين تخرج عن منظومتها المحببة، تُحول الشريك من مُحبٍّ إلى رقيب أو سجان، ربما يكون السبب فيها – الآخر- الذي يساعد على خلق هذا النوع من الغيرة، التي حين تتطور، تأخذ صوراً ضبابية كثيرة، وتجلب التعاسة، والقلق، والأرق، بالإضافة إلى الخوف الشديد والدائم، من إمكانية فقدان الحبيب، فتتحول تلك المشاعر إلى نوع من الغيرة المرضيّة، التي تسيطر على المحب وتأسره، وتتحكم في تصرفاته، وأقواله، وأفعاله.
إن غيرة التملك هي نار الشكّ الحارقة، التي حين تشتعل لا تهدأ ولا تنطفئ، وعادة ما تصوّر للفرد أموراً غير موجودة إلا في ذهنه المريض. ومع الوقت لا بد من أن يشعر الشريك بالاختناق، وبالتالي، قد تكون ردة فعله مطابقة لنوع الوهم، أو قد يتحول الوهم في ذهن الآخر إلى حقيقة، فيبحث عن مخارج تمكنه من الفرار.
إن الأمر الحقيقي الذي يَخفى على كل من تستأثر بهم غيرة التملك، هو أن عهد العبودية قد ولّى ولم يعد له وجود، فلا أقفاص، ولا قيود، قادرة على إعادته. والرابط الحقيقي بين المحبين هو الحب، والضمان الوحيد لاستمرارهم هو بناء الثقة، واستقرارهم لن يتحقق إلا بمنح أحدهما الآخر مساحة من الحرية.
منى الشرافي تيم
-
أحدث التدوينات
My Twitter
- https://t.co/ghEow3IYDQحوالي 1 week ago
- أمّي.. ثم أمّي.. ثم أمّي.. monaalshrafi.com/2023/03/21/%d8… via @MonaTayim لأن الأم في حياتها كبيرة جداً، ولكنها حين تغيب تصبح أكبر!!حوالي 1 week ago
- أمّي.. ثم أمّي.. ثم أمّي.. monaalshrafi.com/2023/03/21/%d8…حوالي 1 week ago
- https://t.co/2f9JcoqTkiحوالي 1 week ago
- ثقافي / معرض الشرقية للكتاب 2023 يُنظم مؤتمر الطفل الأول spa.gov.sa/2432850 التغطية الصحفية لمؤتمر الطفل… twitter.com/i/web/status/1…حوالي 2 weeks ago
الأرشيف
- مارس 2023
- فيفري 2023
- نوفمبر 2022
- مارس 2020
- جانفي 2020
- نوفمبر 2019
- جويلية 2019
- أفريل 2019
- مارس 2019
- جانفي 2019
- ديسمبر 2018
- نوفمبر 2018
- أكتوبر 2018
- سبتمبر 2018
- جويلية 2018
- جوان 2018
- ماي 2018
- مارس 2018
- جانفي 2018
- ديسمبر 2017
- نوفمبر 2017
- سبتمبر 2017
- أوت 2017
- جويلية 2017
- جوان 2017
- ماي 2017
- أفريل 2017
- مارس 2017
- فيفري 2017
- جانفي 2017
- ديسمبر 2016
- نوفمبر 2016
- أكتوبر 2016
- سبتمبر 2016
- ماي 2016
- مارس 2016
- جانفي 2016
- ديسمبر 2015
- نوفمبر 2015
- أكتوبر 2015
- سبتمبر 2015
- أوت 2015
- جويلية 2015
- جوان 2015
- ماي 2015
- أفريل 2015
- مارس 2015
- فيفري 2015
- جانفي 2015
- ديسمبر 2014
- نوفمبر 2014
- أكتوبر 2014
- سبتمبر 2014
- أوت 2014
- جويلية 2014
- جوان 2014
- ماي 2014
- مارس 2014
- فيفري 2014
- جانفي 2014
- ديسمبر 2013
- نوفمبر 2013
- أكتوبر 2013
- سبتمبر 2013
- أوت 2013
- جويلية 2013
- جوان 2013
- ماي 2013
- أفريل 2013
- مارس 2013
- فيفري 2013
- جانفي 2013
- ديسمبر 2012
- نوفمبر 2012
- أكتوبر 2012
- سبتمبر 2012
- أوت 2012
- جويلية 2012
- جوان 2012
- ماي 2012
- أفريل 2012
التصنيفات
منوعات
-
انضم مع 31٬828 مشترك