بسم الله الرحمن الرحيم
((قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون))
إن الإحساس بالخوف والتعايش معه، يشبه الجمر الذي يطمره الرماد، فهو يغلي داخل النفس الإنسانية كالبركان، الذي يتسبب مع مرور الوقت في تصدّعها، فيفقدها طاقتها وحيويتها، ومن ثمّ تستسلم للسلبية والحزن والمرض، فتخيّم على أجوائها هالة قاتمة، تؤثر على كل من حولها. أمّا الإحساس بالأمان، فهو الثروة الحقيقة التي ينعم فيها الإنسان في أي مكان على وجه الأرض، فهي حق من حقوقه… أما في حالة غياب الأمن والأمان، فتضيق الأمكنة وتفقد وهجها، وتتوقف عجلة الزمان عند عتبته، ويطغى طعم المرارة على كل شيء، فمن لا يجتاحه الخوف على نفسه، يخترقه القلق على كل من يحبهم من حوله.
إن الخوف من الموت وتوقعه في أيّة لحظة، هو ليس الموت الطبيعي المتعارف عليه، بل هو موت من نوع آخر، وذلك لأنه بارود مزنر بجسد حيّ يتبختر بين الناس، أو ربما سيارة مفخخة أُهملت على حافة الطريق تنتظر كبسة زر بأيد تلطخت بسوداوية الإرهاب والحقد وشحُنت بالكراهية، لتحصد أرواحاً بريئة، كل ذنبها أو ربما سوء حظّها أنها تواجدت في مكان ما، لحظة انفجار ما، لحظة استهداف ما. وكل من هم وراء ذلك الجسد المزنر، أو تلك السيارة المفخخة، هدفهم بثّ الرعب والهلع في قلوب المواطنين الذين باتوا يسيرون وهم يتلفتون حولهم، وكأن مسّاً شيطانياً قد أصابهم، فأفقدهم توازنهم، ومن لا يخرج منهم من بيته خوفاً وخشية من الأحداث الأمنية الخطرة المتنقلة، يعيش على تناول الحبوب المهدئة، ويحيى على متابعة آخر أخبار الموت الرخيص. (ببلاش)
أما السؤال الذي يطرح نفسه في ظل هذه الأوضاع المريبة، هو من هي الجهة المسؤولة عن فيلم الرعب المستمر، الذي يعيش أحداثة المواطنون في لبنان؟ وما هو هدفهم المرجو من هذه الأفعال الشيطانية؟ أهي متعة القدرة على القتل والتلذذ بسفك المزيد من الدماء، أم هي من أجل تسجيل انتصارات سياسية لجهات معينة، كي تتمكن من أن تفرض من خلالها واقعاً يتناسب مع توجهاتها وتطلعاتها مما يساعدها على تحقيق أهدافها؟
مهما تكن أهداف القتلة، ومهما تكن انتماءاتهم، يجب أن يعودوا إلى التاريخ ويأخذوا منه العبر، لأن الدكتاتورية والبربرية والهمجية والإرهاب المنظم على مر الأزمان والعصور، لم يُكتب للمتصفين بهذه الصفات الشنيعة البقاء والاستمرار، وذلك لأن الأثمان الباهظة التي يدفعونها، كي يستمروا، سيأتي يوماً من يدفع أكثر، فيحلّ محلهم، لأن شأنهم مهما علا.. سيهبط هبوطاً مخزياً وكريهاً، بفعل التعفن، فلا يوجد مصير آخر لشيء انتهت صلاحيته!
أما المشكلة الكبرى والحقيقية، التي يواجهها الناس في لبنان، فهي الحرب النفسية التي يتبارى الإعلام في بثها ونشرها في النفوس، فهي بالنسبة إليهم صفة تجارية رابحة، يدفع ضريبتها الناس من أعصابهم وصحتهم، فلم يعودوا يستطيعون التمييز بين الإشاعات والحقائق، أو بين الصدق والكذب. أما اللقطة الأولى للحدث، وصور الأشلاء المتناثرة من هنا ومن هناك فحدّث ولا حرج، والهدف ليس نقل الخبر فحسب، بل سبق إعلامي للترويع، وبذلك يتضاعف عدد الضحايا – ضحايا على أرض الحدث أصيبوا أو ماتوا، وضحايا في البيوت تحولت معنوياتهم إلى أشلاء تناثرت داخلهم – وهذه الحرب النفسية لم تقتصر على الإعلام فحسب، بل وصلت أسلحتها إلى بعض المرضى النفسيين، الذين لا يجدون متعتهم وتسليتهم إلا من خلال التلاعب بأعصاب الناس باستخدام قنوات التواصل الاجتماعي لبث سمومهم، ونشر الأكاذيب لإشاعة أجواء الخوف والرعب بين الناس، التي ما تلبث أن تنتشر بسرعة البرق، وهم بينهم وبين أنفسهم يجلسون بعيداً ويراقبون ما يحدث ويضحكون، لأنهم نجحوا في ما يفعلونه، دون بذل جهد يُذكر.
أما المضحك المبكي هو حين تطالعنا سفارات الدول التي تحترم شعوبها ومواطنيها ببياناتها التحذيرية، التي تطالبهم فيها بمغادرة لبنان أو عدم السفر إليه، وذلك من أجل سلامتهم الشخصية! فماذا يفعل اللبنانيون، بالإضافة إلى كل أولئك الذين يقيمون فيه ولا يستطيعون مغادرته بعد سماعهم هذا الكلام؟ّ لا بدّ سيشعرون بأنهم هم وأسرهم مشاريع قتلى، فالتفجيرات الغاشمة بانتظارهم، أما البحر فقد يكون بهم رحيماً؟!
“منذ البدء وظلام الليل يخيم على أرواحنا، فمتى يجيء الفجر؟” (جبران)
منى الشرافي تيم
للأسف سيدتي هم لا يستمعون ولا يقرأون التاريخ بماضيه او حتي حاضره هم يقرأون من اورقة كتب عفنه عشش الظلام بين صفحاتها فطمثت اعينهم وعقولهم واستهانوا القتل والحرمات فبئس المثوى وبئس المصير… تحياتي لشجاعتك وعدم اكتراثك بقوى الظلام والرجعيه …ابن النيل