ما هو العنف ضد المرأة.. ومن هو المُعنِّف؟
من المفجع في زمن العولمة والانترنت والتكنولوجيا والحضارة والتقدم، أن يطلّ علينا مذيع نشرة الأخبار في لبنان، كي يخبرنا عن ذكر مجرم جبان، قام بضرب زوجته حتى الموت. فكان من الطبيعي أن تستنفر لهذا الخبر ناشطات في حقوق المرأة، كي يطالبن الحكومة والمجتمع المدني، على التضافر والتعاون من أجل إقرار قانون لحماية المرأة من العنف الأسريّ، الذي وللأسف الشديد ما زالت تتعرض له نساء كثيرات في الوطن العربي، دون أن يجدن من يدافع عنهن، أو يحافظ على حقوقهن، باعتبار أن المرأة العربية، ما زالت مواطنة من الدرجة الثانية، في مواجهةٍ مع ذكور الدرجة الأولى.
إن للعنف ضد المرأة أشكال ووجوه كثيرة، أبرزها الجسدية والمعنوية! والمُعنِّف في معظم الأوقات هو الذكر في الأسرة، سواء أكان على هيئة زوج أو أب أو أخ، وذلك لأنه يشعر بأن النساء في بيته ملكية خاصة به… يتحكم بمصائرهن، ومن حقه أن يفعل بهن ما يحلو له. وهذا الأمر مستمر منذ زمن طويل، وكُتب له البقاء بسبب التخاذل والتراخي من قبل الدول والمجتمعات العربية، التي تبدو بصمتها، وعدم محاولاتها إيجاد حلول جذرية له، وكأنها تبارك هذا الأمر، طالما أن حصوله سوف يستمر خلف الجدران والأبواب والنوافذ، أما المعنّفة المسكينة، فتتربع وراءها ورأسها متوّج بالذل، ونفسها مكللة بالهوان. والمعنِّف بعد فعلته، يجلس لاهثاً، مقطوع النَفَس، معتزاً بينه وبين نفسه باكتمال ذكورته التي تخلو من الرجولة، ومكوّن الإنسانية، فقد شعر بقوة لا يمكن أن يشعر بها خارج بيته، لأنه جبان! فلا بد للمعنِّف من أن يكون صاحب شخصية غير مرئية في المجتمع، أو آخرٌ تفتك به أمراض النقص النفسية، المتمثلة بذكورة الغاب المتوارثة جيلاً بعد جيل، لذلك يقوم الذكر بالاستقواء على العنصر الأضعف في بيته، المتمثل بزوجته أو أخته أو ابنته، فالشعور بالنقص، هو دافع أساسي في إظهار العدوانية والشرّ. أما صمت المرأة المعنَّفة على ما تتعرض له من إيذاء جسدي ومعنوي، هو ما يجعل الذكر يتمادى في تصرفاته. أما أسباب صمتها فعديدة لا يمكن حصرها، ولكن أهمها أنها قد تشعر بأن كل ما تتعرض له من الذكر في حياتها، ربما يكون أرحم من الخروج للاستغاثة، أو طلب الحماية، التي ربما لن تحصل عليها، ومن ثمّ تضطر إلى العودة إلى براثن ذلك الذكر، الذي قد يقوم بالانتقام منها، لأنها اشتكت عليه، فيعتدي عليها بقسوة قد تصل في بعض الأحيان إلى إحداث عاهة جسدية، أو حتى الموت.
إن الدول والحكومات العربيّة، يغضون النظر عن تلك الأفعال المشينة في حق المرأة، ويجدونها ربما أمراً ثانوياً، أمام انشغالاتهم الأكثر أهمية، وهم بذلك يتجاهلون المستقبل الحقيقي، الذي يكمن في يد المرأة، فالمرأة هي التي تصنع المجتمع، وحين تكون معنّفة صامتة، ستنتج جيلاً من جنسها يقبلن العنف بصمت. والذكر الناقص سيعيد إنتاج نفسه في أولاده، وبذلك يستمر هذا الوضع الشاذ ويبقى له وجود وبقاء في المجتمعات.
إن التنظير بالحلول ليس بالأمر الهيّن، ولكن إضاءة هذه الآفة الاجتماعية، أمر ضروري وجوهري، من أجل كشف تلك الستائر السود التي بإمكانها أن تخفي وراءها ما يحصل من شواذ لبعض الوقت، ولكنها لن تخفي الواقع المعاش وتبعاته، التي لا بد أن تظهر نتائجها على الأفراد، وبالتالي المجتمعات.
والذكر المعنِّف للمرأة في بيته، يجب أن يعلم أنه يرتكب بتعنيفها جريمة إنسانية، سوف يُحاسب عليها ويواجه العقاب المناسب كي يرتدع! والسؤال الذي يواجهنا هنا، هو كيف يتم ردع “ذكر الغاب” إن لم تُخبِر المرأة المعنَّفة عن ما تتعرض له من أذى وقهر؟ لمن تتوجه؟ ومن يقوم بحمايتها بعد تقديمها لتلك الشكوى، خصوصاً عند عودتها إلى بيتها؟ لذلك يجب أن تسن القوانين الصارمة، التي من شأنها أن تحمي المرأة وتحفظ كرامتها، وذلك عن طريق إقامة مراكز تُعنى بالمرأة المعنَّفة، ويشرف عليها أخصائيون نفسيون واجتماعيون، كي تتمكن المرأة من التوجه إليهم لطلب المعونة، والاستشارة والنصيحة، على أن تقوم تلك المراكز بتنظيم برامج ومحاضرات وندوات توعويّة، ترشد المرأة إلى سُبل حماية نفسها، ومعرفة إلى من تتوجه وأين؟ أما إن لم ينفع هذا الأسلوب الإنساني في حل هذه المشكلات، عندئذ يجب أن يتدخل القضاء، ليمنح المرأة هي وأولادها حقهم بالعيش بسلام وأمان، ويمنع ذلك الذكر من دخول بيته واستبعاده القسريّ، إلى أن يتم تأهيله للعيش بين البشر، والتصرف بإنسانية، تماماً كما يحصل في الغرب.
أرجو أن لا تثير مقالتي هذه حفيظة الرجال، الذين أحترم وأجلّ وأقدِّر. لأن مقالتي هذه موجهة فقط لذكور الغاب الذين يعرفون أنفسهم، فهناك فرق شاسع بين الذكر والرجل!!
“ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم”
منى الشرافي تيم
-
أحدث التدوينات
My Twitter
- https://t.co/ghEow3IYDQحوالي 1 week ago
- أمّي.. ثم أمّي.. ثم أمّي.. monaalshrafi.com/2023/03/21/%d8… via @MonaTayim لأن الأم في حياتها كبيرة جداً، ولكنها حين تغيب تصبح أكبر!!حوالي 1 week ago
- أمّي.. ثم أمّي.. ثم أمّي.. monaalshrafi.com/2023/03/21/%d8…حوالي 1 week ago
- https://t.co/2f9JcoqTkiحوالي 1 week ago
- ثقافي / معرض الشرقية للكتاب 2023 يُنظم مؤتمر الطفل الأول spa.gov.sa/2432850 التغطية الصحفية لمؤتمر الطفل… twitter.com/i/web/status/1…حوالي 2 weeks ago
الأرشيف
- مارس 2023
- فيفري 2023
- نوفمبر 2022
- مارس 2020
- جانفي 2020
- نوفمبر 2019
- جويلية 2019
- أفريل 2019
- مارس 2019
- جانفي 2019
- ديسمبر 2018
- نوفمبر 2018
- أكتوبر 2018
- سبتمبر 2018
- جويلية 2018
- جوان 2018
- ماي 2018
- مارس 2018
- جانفي 2018
- ديسمبر 2017
- نوفمبر 2017
- سبتمبر 2017
- أوت 2017
- جويلية 2017
- جوان 2017
- ماي 2017
- أفريل 2017
- مارس 2017
- فيفري 2017
- جانفي 2017
- ديسمبر 2016
- نوفمبر 2016
- أكتوبر 2016
- سبتمبر 2016
- ماي 2016
- مارس 2016
- جانفي 2016
- ديسمبر 2015
- نوفمبر 2015
- أكتوبر 2015
- سبتمبر 2015
- أوت 2015
- جويلية 2015
- جوان 2015
- ماي 2015
- أفريل 2015
- مارس 2015
- فيفري 2015
- جانفي 2015
- ديسمبر 2014
- نوفمبر 2014
- أكتوبر 2014
- سبتمبر 2014
- أوت 2014
- جويلية 2014
- جوان 2014
- ماي 2014
- مارس 2014
- فيفري 2014
- جانفي 2014
- ديسمبر 2013
- نوفمبر 2013
- أكتوبر 2013
- سبتمبر 2013
- أوت 2013
- جويلية 2013
- جوان 2013
- ماي 2013
- أفريل 2013
- مارس 2013
- فيفري 2013
- جانفي 2013
- ديسمبر 2012
- نوفمبر 2012
- أكتوبر 2012
- سبتمبر 2012
- أوت 2012
- جويلية 2012
- جوان 2012
- ماي 2012
- أفريل 2012
التصنيفات
منوعات
-
انضم مع 31٬828 مشترك
ما اكتر الذكور في زمننا هاد و الرجال قليلون