وقررت أن تغيّر مجرى حياتها وتعتقها من قيود ذلك المجهول لتحطّ على أرض الواقع, وتحرّر مشاعرها المأسورة بين عالمين, وتفتح ذراعيها لليوم وللغد, وتشرّع فضاءها للحب, فهو الحقيقة التي عزلها خيالها في عالم الوهم وليس أحكام القدر, واقتنعت بأن هناك خيطاً رفيعاً يفصل بين مشروعية الحلم وبين زيف الوهم.
اقتربت ديانا من أوراقها التي تبعثرت على أروقة كيانها وعلى أعتاب أوهامها, وبعد أن تأملتها طويلاً… طوتها ثم وضعتها في صندوقٍ خشبيٍ من صناديق ذاكرتها, وأقفلته بإحكامٍ ووضعته في العلّية, ثم تنفست بعمقٍ وشهيق وزفير, ثم شهيق وزفير… وأكثر, فقد تحررت من دروبها الموحشة, وخطواتها الممشوقة في الظلام. وستنطلق اليوم إلى واقعها الجميل الذي كانت تراه قاتماً, وستتخلى عن خطى الملل الرتيبة وستبتعد عن إيقاعها البطيء, إلى لذّة العيش ومتعته في أحضان الدنيا والطبيعة, بحقولها وجبالها وفصولها ومسرّاتها وهمومها, وضحكاتها ودموعها, وتحتمي في أحضان حبيب يردّ عنها رياح الخريف, ويظلّلها بأوراقه, وتقضي بين حميميّة ضلوعه الدافئة فصل الشتاء, وتنطلق مع فراش روحه لتمتصّ رحيق الربيع, وتبرّد حرّ صيفها ندى قبلاته, وماء رغبته الحيّة في أعماقها.
رواية “مشاعر مهاجرة”